رد شبهة : حديث الذبابة
الثلاثاء، 30 يناير 2018 يناير 30, 2018
رد شبهة : حديث
الذبابة !
استهزأ المعترضون من كلامِ النَّبِيِّ r حول الحديثِ المشهورِ باسم (حديث الذبابة) ، وطعنوا
فيه طعونًا كثيرةً مستبشرون...
الحديث في صحيح البخاري
كِتَاب ( بَدْءِ الْخَلْقِ) بَاب (إِذَا
وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى
جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْأُخْرَى شِفَاءً) برقم 3073 عن
أبي هريرة : قَالَ النَّبِيُّ r : " إِذَا
وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ
فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً ".
الرد على الشبهة
أولًا:
إن هذا الحديثَ ليس فيه إلزامٌ من النَّبِيِّ r للمسلمين بأن الذبابَ إذا وقع في شرابهم أو آنيتهم
أن يغمسوه فيه... هناك نفوسٌ لا تحتمل ذلك الأمر فكانوا مخيرين ... دلّ على ذلك
ما يلي :
1-
قولهI : ] وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي
الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [ (الحج78).
2-
قوله I : ]لاَ
يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا [ (البقرة 286 (.
3-
قوله I:] يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ
عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) [ (النساء).
4-سنن
ابن ماجة برقم 2033 عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :
" إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ
عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ
" .
وعليه
فإذا وقعت
ذبابة في إناءِ شخصٍ يشمئز منه، ولا يمكنه تناول محتواه بعد أن ينزع
الذبابة... فإنّ اللهَ I لا يكلف نفسًا إلا وسعها...
ثم
إنّ الحديثَ ليس فيه أنّ النبيَّ محمدًا أمر بصيد الذباب ووضعه في الإناء ....
ولم يدع أحدًا إلى صيدِ الذبابِ ووضعِه في الآنية...
ولم يشجع على تركِها مكشوفة حتى يسقط الذبابُ فيها....ولم يمنع مكافحي التلوث
ومنظمات الصحةِ من قتل الذباب وإبادته....
فكلُّ ما هنالك أنّ الحديث يحكي لنا كيف
يتعامل الإنسان معه في موقفٍ معينٍ وافق عليه الطب قديمًا وحديثًا كما سيتقدم
معنا...!!
قال ابنُ حجرٍ في الفتح: قَالَ
أَبُو الطَّيِّب الطَّبَرِيُّ: لَمْ يَقْصِد النَّبِيّ r بِهَذَا الْحَدِيث بَيَان
النَّجَاسَة وَالطَّهَارَة ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بَيَان التَّدَاوِي مِنْ ضَرَر
الذُّبَاب، وَكَذَا لَمْ يَقْصِد بِالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاة فِي مَعَاطِن
الْإِبِل وَالْإِذْن فِي مَرَاح الْغَنَم طَهَارَة وَلَا نَجَاسَة وَإِنَّمَا
أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْخُشُوع لَا يُوجَد مَعَ الْإِبِل دُون الْغَنَم . قُلْت:
وَهُوَ كَلَام صَحِيح . إذًا الْعِلَّة فِي الذُّبَاب قَاصِرَة وَهِيَ عُمُوم الْبَلْوَى،
وَهَذِهِ مُسْتَنْبَطَة من قولهr فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي
الْآخَرِ دَاءً. اهـ
قلتُ:
وبالمثال يتضح المقال: لو أن هناك شخصًا أراد أن يشرب كوبًا من اللبن فسقطت
فيه ذبابة ماذا يفعل؟!
الجواب: هو بالخيار بين أمرين:
إمّا أن يشرب كوبَ اللبن بعد غمس الذبابة وإخراجها،
فلا يضره شيء، بل ويأخذ أجرًا على تصديقه لحديث النَّبِيِّ محمد r ...
وإمّا أن يمتنع عن شربه إنْ كانت نفسه تعفه ولا تطيقه،
ولا إثم عليه...
لكنّ القضية
هي لو أنّ هناك رجلًا بائعًا للبن (تاجرًا) يُحضره بكمياتٍ كبيرة ٍجدًا،
ثم سقطت ذبابة في هذه الكميات الكبيرة ماذا يفعل هذا البائع التاجر؟
هل يخسر هذه الكميات الكبيرة من اللبن، ويخسر
تجارته فيلقى بها، أم أنه يغمس الذبابة ثم يخرجها مرة أخرى ؟
الجواب : لاشك أنه
سيغمسها ثم يخرجها مرة أخرى؛ فليس هناك ثمةَ ضرر بكل الأحوال بل محال ...
ثانيًا:
إن المعترضين وغيرهم يعترضون على هذا الحديثِ، ويظهرون اشمئزازًا وهميا منه، ولا
يعترضون ويشمئزون من بعضِ الأدويةِ المصنوعةِ من العفن، مثل: المضادات الحيوية
كالبنسلين ، الستربتومايسين .... بل يتناولها إذا مرضوا على الرحب والسعة ؛لأنهم
مضطرون ... وهذا الاضطرار نفسه هو نفس ما في حديث النَّبِيِّ محمد؛ بل لو جاء نفس
الحديث في كتابهم المقدس ما هاجموه.. وهذا يدل على مدى غلهم وكرهِهِم، وبأنهم قوم
مغرضون ....!
إنّ كلّ ما
في الحديثِ أنّ الذبابَ يحمل أمراضًا في إحدى جناحيه، وزوال الضرر يكون بغمسه في
الإناء الذي وقع فيه، ثم إخراجه كي لا يمرضون...فإنْ منعتهم نفسهم سكبوه إذ
يشمئزون....
ثالثًا:
إن هذا الحديثَ فيه دلالة من دلائلِ صدقِ نبوة النبي محمد r فهؤلاء المعترضون يضحكون في
الحقيقة على جهلِهم، ولا يعرفون ما قاله العلماءُ والأطباءُ قديمًا وحديثًا في شأنِ
هذا الحديث بل يجهلون ...!
أولًا: أذكرُ بعض ما قاله العلماءُ القدامى من علماءِ السلفِ:
قال ابنُ حجرٍ في الفتحِ
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيث مَنْ لَا خَلَاق
لَهُ فَقَالَ : كَيْف يَجْتَمِع الشِّفَاء وَالدَّاء فِي جَنَاحَيْ الذُّبَاب ، وَكَيْف
يَعْلَم ذَلِكَ مِنْ نَفْسه حَتَّى يُقَدِّم جَنَاح الشِّفَاء ، وَمَا أَلْجَأَهُ إِلَى
ذَلِكَ ؟ قَالَ : وَهَذَا سُؤَال جَاهِل أَوْ مُتَجَاهِل ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحَيَوَان
قَدْ جَمَعَ الصِّفَات الْمُتَضَادَّة . وَقَدْ أَلَّفَ اللَّه بَيْنهَا وَقَهَرَهَا
عَلَى الِاجْتِمَاع وَجَعَلَ مِنْهَا قُوَى الْحَيَوَان ، وَإِنَّ الَّذِي أَلْهَمَ
النَّحْلَة اِتِّخَاذ الْبَيْت الْعَجِيب الصَّنْعَة لِلتَّعْسِيلِ فِيهِ ، وَأَلْهَمَ
النَّمْلَة أَنْ تَدَّخِر قُوتهَا أَوَان حَاجَتهَا ، وَأَنْ تَكْسِر الْحَبَّة نِصْفَيْنِ
لِئَلَّا تَسْتَنْبِت ، لَقَادِر عَلَى إِلْهَام الذُّبَابَة أَنْ تُقَدِّم جَنَاحًا
وَتُؤَخِّر آخَر . وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : مَا نُقِلَ عَنْ هَذَا الْقَائِل لَيْسَ
بِعَجِيبٍ ، فَإِنَّ النَّحْلَة تُعَسِّل مِنْ أَعْلَاهَا وَتُلْقِي السُّمّ مِنْ أَسْفَلهَا
، وَالْحَيَّة الْقَاتِل سُمّهَا تَدْخُل لُحُومهَا فِي التِّرْيَاق الَّذِي يُعَالَج
بِهِ السُّمّ ، وَالذُّبَابَة تُسْحَق مَعَ الْإِثْمِد لِجَلَاءِ الْبَصَر . وَذَكَرَ
بَعْض حُذَّاق الْأَطِبَّاء أَنَّ فِي الذُّبَاب قُوَّة سُمِّيَّة يَدُلّ عَلَيْهَا
الْوَرَم وَالْحَكَّة الْعَارِضَة عَنْ لَسْعه ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاح لَهُ
، فَإِذَا سَقَطَ الذُّبَاب فِيمَا يُؤْذِيه تَلَقَّاهُ بِسِلَاحِهِ ، فَأَمَرَ الشَّارِع
أَنْ يُقَابِل تِلْكَ السُّمِّيَّة بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْجَنَاح
الْآخَر مِنْ الشِّفَاء فَتَتَقَابَل الْمَادَّتَانِ فَيَزُول الضَّرَر بِإِذْنِ اللَّه
تَعَالَى . وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ : " ثُمَّ لِيَنْزِعهُ " عَلَى أَنَّهَا
تَنْجُس بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ ، وَالْقَوْل
الْآخَر كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة ، أَنَّهَا لَا تَنْجُس، وَاَللَّه أَعْلَم . اهـ
أتضح مما سبق : أنّ في هذا الحديث إعلان بالغيب
عن وجود ميكروب في أحدى أجنحة الذباب، وهو شيء لم يكشفه العلم الحديث بصفة قاطعة
إلا في القرنين الأخيرين (التاسع عشر ، والعشرين) ميلادي ، وقبل ذلك كان من الممكن
للعلماء أن يكذّبوا هذا الحديثَ لعدم ثبوتِ وجود شيء ضار في الذباب ظاهر، ولكن بعد
اكتشاف الجراثيم تأكدوا من صحته ؛بل ويجزمون...
فليس من حق المعترضين أن يرفضوا حديثًا
لمجرد عدم موافقتِه العلم الحالي...!
بل يجب عليهم أن يعلموا ويفرقوا بين:
الرؤية العلمية
النظرية العلمية
والحقيقية العلمية
فالعلم يتطور، ويتغير، بل ويتقلب... وتبقى فقط
الحقيقية العلمية لو كانوا يعلمون...!
ثانيًا: إن
الأبحاث والتجارب العلمية الحديثة أثبتت صحة حديثِ النَّبِيِّ محمد r الذي يرفضه الجاهلون ... فهناك علماءٌ باحثين مختصين غيرُ مسلمين؛علماءٌ
أستراليون استخرجوا مضادات حيوية من الذبابِ ... فهذا آخر اكتشاف لجناحِ الذبابةِ
في موقع أي بي سي: http://www.abc.net.au/science/news/stories/s689400.htm
ولمزيد من الأبحاث
والنتائج في هذا الشأن هناك العشرات على صفحات الإنترنت ، لكلّ باحث أراد الإنصاف
، ولم يُرد سبيل المبطلين....
رابعًا:
سمعتُ تسجيلًا صوتيًّا موثقًا للأب بيشوي حلمي
(يخص الذباب) قائلًا:" لو وقعت ذبابة في كأس الدم بعد التقديس أثناء طقس الأفخارستيا لازم الكاهن يأكلها " !
لاحظ:
"لازم الكاهن يأكلها"!
ويبدو أنها ورطة كبيرة ، فبماذا يجيب على ذلك المعترضون
المغرضون؟!
مضطرين
كتبه/ أكرم حسن مرسي
This entry was posted on يناير 30, 2018, and is تسميات
. Follow any responses to this post through RSS. You can leave a response, or trackback from your own site.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إرسال تعليق