هل إله الإسلام متكبر ؟

قالوا: إن اسم المتكبر اسم سيء جدًا ... فالذي يتكبر هو الشيطان وكل متجبر في الأرض ، فهل المكتبر اسم من أسماء إله الإسلام حقًا؟!

 استندوا على ذلك بالآتي:

1-             المتكبر اسم من أسماء الله لقولهI  :" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)"(الحشر).

2-             الشيطان تكبر، وذلك من قوله I:" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)" (البقرة).

3-             فرعون تكبر، وذلك من قوله I: " وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39)" (القصص).


الرد على الشبهة

أولًا: لم أجد أحدًا تسمى بالمتكبر سوى الله I  وحده، فحينما يسمي نفسه بالمتكبر فهذا يشير على أن للاسم معنى آخر يختلف تمامًا عن كل معنى يُتصور ويُحدثُ ضجًا  ،  فهو الله الذي تكبر عن ظلم عباده ؛ لم يظلم أحدًا ، وما ترك ظالمًا متجبرًا إلا زمنًا...
الكبر في للغة العرب هو التعالي والتعاظم والترفع؛ فالله العظيم تعاظم عن ظلم العباد أبدًا وما ترك ظالمًا إلا أذاقه ألمًا؛ فهو المتعالى على كل ظالم ظلمَ عبدًا.... طرب لنا فرعون وظلمه مثلًا لما تكبر في الأرض بغير الحق....أهلكه الله بالغرق وذاق ذُلًا ... وضرب لنا إبليس مثلًا لما تكبر عن سجود تعظيم وتكريم لمخلوق ضعيفٍ (آدم ) حسدًا طرده اللهُ من جنته وجعل ملعونًا مرجومًا إلى يوم أخذ فيه وعدًا...
كما أنه I متعالي ومتعاظم فلا ينتقص من شأنه أو يقلل من كماله، مثل منْ جعلوا له بناتًا أو ابنًا....!

 يقولI : "وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (37)( الجاثية).
جاء في تفسير الجلالين: { وله الكبرياء } العظمة { في السماوات والأرض } حال أي كائنة فيهما { وهو العزيز الحكيم } تقدم. اهـ
وجاء في التفسير الميسر : وله وحده سبحانه العظمة والجلال والكبرياء والسُّلْطان والقدرة والكمال في السماوات والأرض، وهو العزيز الذي لا يغالَب، الحكيم في أقواله وأفعاله وقدره وشرعه، تعالى وتقدَّس ، لا إله إلا هو. اهـ

ويقولI  :" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)" (الحشر).

جاء في تفسير الجلالين: { المتكبر } عما لا يليق به { سبحان الله } نزّه نفسه { عَمَّا يُشْرِكُونَ } به . اهـ

جاء في التفسير الميسر: المتكبِّر الذي له الكبرياء والعظمة. تنزَّه الله تعالى عن كل ما يشركونه به في عبادته. اهـ

وجاء البرهان لما سبق في حديث قدسي ثبت في صحيح مسلم برقم 3567 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r قَالَ : " اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ- الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ".

وعلى هذا التفسير ذهب ما افترا وه على الله كذبًا، وقد رُدوا خائبين لم ينالوا خيرًا...



ثانيًا: إنّ الله العظيم أمر عباده بالتواضع والتراحم مع بعضهم بعضًا ، ونهى عن التعاظم والتعالي والظلم والتباهي...فهو وحده المتكبر عن كلِّ نقص أما العبد فدائم النقص أمره بيد الله مولاه؛ بحاجة إليه ما عاش دهرًا ، فما تواضع مع عباده إلا زاده الله  رفعةً وعزًا....

جاء الأمر بالتواضع من النبيِّ محمدٍ r في صحيح مسلم برقم 4689 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  rقَالَ: " مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ".


ثالثًا: إنّ الكتاب المقدس أكد لقارئه أنّ من أسماء الله الْمُتَكَبِّر.... !  
وذلك في سفر الأمثال أصحاح 21 عدد 23مَنْ يَحْفَظُ فَمَهُ وَلِسَانَهُ، يَحْفَظُ مِنَ الضِّيقَاتِ نَفْسَهُ. 24اَلْمُنْتَفِخُ الْمُتَكَبِّرُ اسْمُهُ «مُسْتَهْزِئٌ»، عَامِلٌ بِفَيَضَانِ الْكِبْرِيَاءِ. 25شَهْوَةُ الْكَسْلاَنِ تَقْتُلُهُ، لأَنَّ يَدَيْهِ تَأْبَيَانِ الشُّغْلَ. 26اَلْيَوْمَ كُلَّهُ يَشْتَهِي شَهْوَةً، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيُعْطِي وَلاَ يُمْسِكُ.

وتبقى أسئلة تطرح نفسها علينا:
1-  لماذا لم يعترض المعترضون على اسم الله المتكبر من نصوصهم؟!
2-  ما هو تفسيرهم لاسم الله المتكبر؛ بل الأسماء والصفات المذكورة في النصوص، مثل: اَلْمُنْتَفِخ الْمُتَكَبِّر، عَامِلٌ بِفَيَضَانِ الْكِبْرِيَاءِ...؟!


كتبه / أكرم حسن مرسي

باحث في مقارنة الأديان