بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا معتقد الولاء والبراء؟
الولاء والبراءة من أهم إيمانيات إيمان المسلم، والمسلمات العقائدية....
هذا الأيمان قد شوهت سمعته وصورته في عصرنا الحديث بوسائل متعمدة ومنظمة، وبمنهجية..
فدائما ما ينسب هذا المعتقد إلى السلفية، والسلفية الجهادية ، والتكفرية، والقطبية، والداعشية...
والحق أنه يُنسب لكل مسلم آمن بالله وبدينه بالتبعية....
واليوم في عصرنا ومصرنا صار جدل واسع حوله، واتهم بُجرم من ناقش صوره زاعمين أن هذا عنصرية عرقية همجية.....
ومن هذا التشجيع الإعلامي ظهرت ووردت شبهات من المنصرين والملحدين والعالمنين بدعوى أنها عقيدة القتل، والغل، والبغض، والكراهية... لغير المسلم، ولا إنسانية.....وهو أساس الفتن الطائفية، ولا يعترف بوطنية أو قومية...

والحق أن هذا المعتقد أساسه أنه لله وفي لله ؛ حب ونصرة للمؤمنين الصادقين لله وفي الله .
 وبُغض ومُعادة للكافرين المحاربين لله وفي الله....
أنه معتقد بياني وعملي للأمر بمعروف والنهي عن منكر، ومحاربة الأفعال الإجرامية...
ليس هذا المعتقد في دين الإسلام وحده، بل في كل دين، وعرف جماعي على وجه الكرة الأرضية... وما دفعهم لمحاربته إلا غل دفين قديم؛ هدفه تخلي المسلم عن دينه والتعمية....

الولاء والبراء شرط من شروط الإيمان...
قال تعالى : تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81)(المائدة)
الآية تبين لنا خطورة الولاء للكافرين المحاربين ،فعقوبته سخط رب العالمين ، وتبين أن الولاء لله والنبي شرط من شروط السلامة الإيمانية...

الولاء والبراء أوثق عرى الإيمان..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أوثق عرى الإيمان الولاية في الله، والحب في الله، والبغض في الله".(كنز العمال برقم43525).
وبالتالي: رأيتُ لازمًا علي أن أكتب فيه بشكل جديد ، وبحق واضح وسديد ، وفقًا لحال عصرنا و ديننا الذي يحارب بشتى السبل الوحشية ...
 كما رأيتُ أن هناك من غالوا وبالغوا في استعماله فضلوا وأضلوا....فمنهم من تعصب  من أجل جماعتهم وحزبهم... بدعوى المحبة النصرة وأنهم على الحق المبين، و أما غيرهم فقد ضل عن سبيل الإسلام، ووجب عليهم هجرة شرعية.... وهم بذلك قد أساءوا إلى المجتمع المسلم بدعواهم أن الإسلام هو الحل ، وأن الإسلام مختزل في جماعتهم الشرعية ....
فعبارة " الإسلام هو الحل" ظاهرها حق ، ولكن تعني طمنًا أن المجتمع كافر وينبغي عليه أن يسلم ويترك المناهج الكفرية ...!
كما رأيتُ مشايخَ  نافقوا حكامًا وخدعوا وشعوبًا فضلوا وأضلوا، وسموا بالجامية والرسلانية والمدخلية... وقد زعموا أن من خالفهم هم جماعات تكفيرية إرهابية....!
وبهذا فقد ضل الحقُ بين متشدد ومفرط، ورأيت أن أكتب عن العقيدة الوسطية...
ثم أذهب كُتب اليهود والنصارى المقدسة لأظهر للقارئ معتقد الولاء والبراء مؤكدا بأنه ليس خاصًا بدين الإسلام وحده؛ بل هو معتقد
كل الأمم؛ فأهل الأديان يحبون أهل دينهم وأمتهم، ويبغضون ويحاربون عدوهم على جبهتهم ... فهذا المعتقد غُرس في الفطرة والإنسانية...

تعريف الولاء والبراء:
رأيتُ البُعدَ عن ذكر كثرةِ التعريفات الحشوية بين لغوية واصطلاحية....
الولاء: كلمة تعني النُصرة والتأيد ؛ والنُصرة قلبية وفعلية لا تكون إلا لله، ولدين الله، وكل من ولاه ...
البراء: كلمة تعني التبرؤ، والمعادة ، والمخالفة لأعمال الكفر، والمعاصي، وأعمال الظلم بأنواعه ، ولكل أيده و تبناه...
فكل من الولاء والبراء يكونا لله تعالى وحده ؛ يولى المسلم من ولاه الله ، ويتبرأ مما تبرأ منه الله فعلًا، أو أشخاصًا ،أو رموزًا، أو عبارات وشعارات شركية ....

 منْ أدلة الولاء والبراء منْ القرآن الكريم والكتب الحديثية:

أولًا:أدلة الولاء:
1-قول الله تعالى : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) " (المائدة).

2- قول الله تعالى: " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) " (التوبة).
قول الله تعالى: " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) " (الحجرات).

3-قول الله تعالى: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) " (الحشر).

4-قول النبي محمد r:"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى". (صحيح مسلم برقم 4685).

5-قول النبي محمد r:"الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(صحيح البخاري برقم 2262).

 6-قول النبي محمد r:"إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ".( صحيح البخاري برقم 459).

7-قول النبي محمد r:"لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ".(صحيح مسلم برقم 81).


ثانيًا :أدلة البراء:

1-قول الله تعالى: " لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) " (آل عمران).

2-قول الله تعالى: " تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) " (المائدة).

3-قول الله تعالى:" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28) " (الزخرف).
4-قول الله تعالى: " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) " (الممتحنة).

5-قول الله تعالى: " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) " (المجادلة).

6-قول النبي محمد r:"أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ " ( سنن أبي داود برقم 3983).
7-قول النبي محمد r:"ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" (صحيح البخاري برقم 15 ).

صورة لمخالفات عقيدة الولاء والبراء قديمة وعصرية:
1- الرضا والتشجيع على قتل المسلمين فعليا وقلبيا من قِبل كافرين متجبرين...
2- القتال بجانب صفوف الكفارين ضد مسلمين مستضعفين...
3- القتال بالوكالة ضد مسلمين نيابة عن الكافرين بمقابل مادي، أو بمقابل معنوي، مثل: تمني رضاهم، أو تجنب أذاهم مذعنين ....
4- اقتتال المسلمين بعضهم بعض كفرق وجماعات وأحزاب وتوجهات....وطل المدد والسلاح من الأعداء الكافرين...
5- تقليد الكفار في عادتهم، وتقليدهم في لباسهم (المُوضة)... وكذلك أعيادهم، ومساعدتهم على إقامتها، بل وتهنئتهم على ما يخالف معقد سائر المسلمين... 
 6-حب الكفار لأجل كفرهم؛ ظنًا أن دينهم هو من أباح الإباحية، ويسر قضاء الشهوات دون تشدد، وكذا بساطة العبادات دون تمدد، وظنًا أن دينهم هو سر نجاح الغرب وتقدمه... وذلك على عكس دين الإسلام الذي أّخر الشرق لسنين....
7- مبادرة حكام وملوك المسلمين إلى مولاة حكام الكافرين خوفًا من غضبهم أو تحالفهم على طردهم من عروشهم بشكل مهين....
8-تولية الحاكم المسلم لكافر مناصب رفيعة وحساسة بها أسرار المسلمين، واتخاذهم بطانة وثقة ومستشارين في أمور تتعلق بحال المجتمع والدين...

9-منافقة غير المسلمين إعلاميًّا حول كلمة "كافر" أو "كفار" وكأنها كلمة عدوانية أو سُبة أو غير أخلاقية...فقاموا بتحريف معناها ومبتغاها...سعيًّا لإرضائهم و وإظهار محبتهم؛ بقضاء رغبتهم؛ وإن كانت من لعين...!
10-منافقة الملحدين والمشكيكين إعلاميًّا؛ فسمحوا بظهورهم، ولبوا رغباتهم ، وقاموا بمحاورتهم،وجعلوا منهم قامة علمية...بُغية التمكين!!
11-محاربة الخطاب الديني بدعوى التجديد...فسُمح لكل جاهل أنْ يدلس ، ويسُب، ويطعن في ثوابت أصولية ، وقامات علمية .... بدعوى أنه باحث ومُجاز في دراسة التراث الإسلامي الرصين....!
12-مقابلات إعلامية لفئات لا أخلاقية تدعو إلى محاربة الحياء، وتشجيع التبرج، والسفور، والفجور...بشعارات ودعوات مغرضة ،أهمها :الحجاب رجعية وتخلف ... مظلومية المرأة في المجتمع العربي والإسلامي، وانحطاطها بخلاف الغربيين ...
13-تجويع وتهميش وتقليل من شأن طلاب العلم الشرعي، والدعاة والوعاظ والعلماء؛ بينما يُنعم أهل الفسق والملاهي، ومن صار على نهج الشياطين...
14-  تنحية شريعة الله (الشريعة الإسلامية) عن أن يُحكم بها ،بل  ورميها بالجمود والقصور، وعدم مسايرة العصر ، ومواكبة الإحداث... ومحبة وتولية  قوانين بشرية كفرية  جلها  غربية أو هجين..

15- التطبيل لحاكم متغلب ظالم على حاكم عادل مستضعف ومظلوم ...وإلحاق الوصف بأنه كان من المفسدين....!
16-التمسك والعمل بالتاريخ الميلادي  وهو ذكرى مولد المسيح -عليه السلام- بحسب ما ابتدعوه واخلفوا فيما طرحوه....وترك العمل بالتاريخ الهجري الذي عمل به الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- في عهد عمر -رضي الله عنه –تأثرا بحادثة الهجرة للنبي محمد، وذلك لمخالفة الكفار ويكون من خصائص المسلمين ؛فأرخت به كتب المسلمين وأحداثهم وأعمالهم...بينما هُجر في القرن العشرين...

17- ترك التمسك بالهوية الإسلامية ، والسعي لنيل هوايات جديدة ، مع دعوات جاهلية ، مثل :  أصولي الفرعونية، قوميتي طورانية، كردية ، تركية، قوقازية، عربية ... وهم بذلك قد قطعوا الوتين...

18-الإقامة في بلاد الكفار؛قصد السياحة والمتعة، وهجر ديار الرجعية والتخلف...فلم يسافر لعلاج مرض لا يتوفر إلا ببلادهم، أو لدراسة نافعة لبلاه المسلمين فقط عندهم، أو لتجارة ترفع من شأن أسرته وبلاده اقتصاديا..أو أي عمل يُرجى منه عزة وتمكين...

19-التسمي بأسماء الكفار ؛لاسيما الأسماء الأجنبية، والرموز الدينية، وترك الأسماء العربية الإسلامية ، بل وعمل البعض على تشويهها والتنفير منها....... أيضًا التسمي بأسماء شركية محرمة، وذلك إرضاءً لصديق أو رفيق أو جار أو مدير...مثل: عبد المسيح، عبد الملاك... وترك تسميات أوصى بها خير النبيين...
20- الاستغفار للكفار والترحم عليهم...وذلك إذا خُتم لهم بكفر واضح مبين ؛قال تعالى :" مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) " (التوبة).

ولا شك أن الصور المُشرّفة في عصرنا ومصرنا صارت قليلة جدًا ، فبعد سقوط الخلافة العثمانية وتولى الاحتلال أعماله القمعية والخيرية والإصلاحية ، وبعد زمن حدث انفتاح على دولهم الأوربية ، وصارت اليوم نداءات للتطبيع مع الكيانات الصهيونية ...كل هذا أدى إلى زعزعه الثوابت والأعراف الدينية ، وحلت مكانها هزائم نفسية ، وأعراف عنصرية، فهُزمت أجيال أمتنا الإسلامية...
 لكن تبقى وبقي أمل وأعمال بطولية إصلاحية شبابية آتية تعيد الأمجاد، وترفع البلاد القمة العصرية، والقامة الإنسانية...

جزاء من ارتكب مخالفات لمعتقد الولاء والبراء:
العقوبة عقوبتان "أخروية ودنيوية.
 الأخروية؛ بيد الله وحده، ينفذ وعيدًا، أو يقضي عدلًا، أو يعفو برحمته...
وأما الدنيوية؛ فيتولها الحاكم المسلم(الخليفة) الذي يحكم بشرع الله، وتتعدد العقوبة وتختلف باختلاف الفعل؛ فقد يُعامل معاملة الكافر المرتد الخائن، وقد يعامل معاملة المسلم المذنب(مجرم)، وقد يُعذر لجهله فيُعفى عنه...
بيان ذلك في التالي:
1-    عقوبته ككافر مرتد : هناك مخالفات كثيرة تؤدي غالبًا إلى الكفر والردة والخيانة... وقد سبق ذكر بعضها ؛كمن يقاتل بجانب الكفار المعتدين فيقتل مسلمين أبرياء مستضعفين ...!
قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)"(المائدة).
ومعنى الآية: أنّ من يتولى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الكافرين المحاربين فيناصرهم على المسلمين الأبرياء فحكمه حكمهم في الكفر والظلم المبين.....

حكم المرتد :
حكمه ذكره الله في كتابه المجيد لما قال:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)"(المائدة).
 ومعنى الآية: أن الله يخاطب المؤمنين بأن من يرتد عن دينه فلن يضره شيئًا، بل سوف يأتي الله بأناس أفضل منه يُحِبُّهم ويحبونه، رحماء بالمؤمنين أشدَّاء على الكافرين، ينصرون دينه؛ فيجاهدون أعداءه، ولا يخافون أحدًا سواه...

وبالتالي: فحكم المرتد هنا أن الله يستبدله بخير منه؛ أناس يرحمون أولياءه، وينصرون دينه من أعدائه...

 وأما عقابه وحسابه فهو على الله يوم الحساب...قال تعالى :" وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)" (البقرة).
هذا حال المرتد الذي لم يشهر ردته، ولم يحارب أمته بعد ردته بإثارة الفتن، وبإلقاء الشبهات، والسب واللعن في الرموز الدينية، والذات العالية....
فإنْ فعل المرتد ذلك عوقب بالقتل لردته وغدره وخيانته....
يطبق عليه قول النبي محمد r:" مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ". صحيح البخاري برقم6411
وقولهr: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ ".   
فالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ، يمرق من دينه فيحاربه، ويترك جماعته أمته ملتحقًا بالكافرين المحاربين فيمدونه بالدعم اللازم كي يشتت أذهان المؤمنين عن الدين....
والمتأمل في التاريخ يجد أن الصحابة فهموا هذا الفهم، ففرقوا بين حكم منْ ارتد ولم يشهر ردته ويحارب أمته...فهذا لن يضر الإسلام شيئًا، وسيأتي الله بخير منه، وعقابه أخروي كما ذكرت الآية...
وفرقوا بين منْ يعلن ردته ويحارب أمته في داخل مجتمعه، ونظامه، وبين أبنائه...فتارة بإلقاء الشبهات بطرق فيها استهزاءات تنال من الثوابت والغايات...وتارة يسب ويلعن الدين، كي يُرضي و يترضى عنه الكافرين...
هذا حكمه القتل، لأنه قام بجريمة " الخيانة عظمى " هذه الجريمة اصطلحت عليها الدول في أعرافهم وقوانينهم بأن جزاء الخيانة القتل..
وأقرب مقصدي بمثال: لو أن هناك مصريًّا ترك جنسيته وعمل لصالح العدو الإسرائيلي؛ فتناقل أخبارا سرية مصرية لصالح العدو تهدد الأمن والاستقرار للوطن، ونشر فتنَا داخلَ المجتمع المصري؛ فطعن في حكومته ونظامه وقوانينه وشعبه وتاريخه ورموزه...بل وسبه... وساعد عدوه على غزوه للقضاء على قوميته وشعبه....!
 إلا يستحق ذلك المرتد الخائن لمصر عقوبة الخيانة العظمي "القتل" ؟!

الجواب: بلى ؛ فقد جاء في قانون العقوبات المصري في المادة 77 :" يعاقب بالإعدام كل من أرتكب عمدًا فعلًا يؤدي إلى المساسِ باستقلالِ البلاد أو وحدتها ، أو سلامة أراضيها ...".
فإذا كانت عقوبة الإعدام تفرض على مرتد خائن لوطنه...فما هو الحال مع مرتد خان دينه وأهله وأمته.....؟!
وإذا دُعي إلى الاستتابة رفضها ولم يتب؛ بل ظل محاربًا داعيًّا لدينه الجديد، أو لفكره الإلحادي...فيهاجم دين الإسلام، ولم يتركه والسلام فإن عقوبته الإعدام...
ويبقى الأصل والإلزام في الإسلام هو قوله I  :  ]وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً [  (الكهف29) .

وقوله I  : ]لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  [ (البقرة256) .
وقد روى القرطبي في تفسيره (ج3 / ص 280 ) عن زيدِ بنِ أسلم عن أبيه قال: سمعت عمرَ بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية: أسلمي أيتها العجوز تسلمي، إن الله بعث محمدًا بالحق. قالت: أنا عجوز كبيرة والموت إلي قريب ! فقال عمرُ: اللهم اشهد، وتلا: " لا إكراه في الدين ".

وأما فعل النبي محمد  rلم يقتل مرتدًا في حياته؛ بينما وجد مرتدون،مثل: عبيد الله بن جحش ارتد لما هاجر إلى الحبشة دخل النصرانية، ولم يحارب الإسلام ، فتركه النبي محمد  rوشأنه إلى أن مات على نصرانيته...  
بينما عبد الله بن أبي سرح قد ارتد وحارب الإسلام وأهله؛ فأمر النبي بقتله يوم فتح مكة، وجاء بعد أيام مستأمن من عثمان إلى النبي محمدr  تائبًا فأسلم، وحُسن إسلامه...إلى أن صار واليًّا على مصر في عهد عثمان، وقد جاهد في سبيل الله وفتح الفتوحات في أفريقيا إلى أن مات على إسلامه....
ثم جاءت حروب الردة بقيادة أبي بكرt لقوم أعلنوا التمرد والعصيان بعد وفاة النبي محمدr فجاهروا وامتنعوا عن فرضية الزكاة عليهم ، ولم يستمعوا لإنذار الخلفية ، بل أعلنوا العصيان المدني، ونقلوا فتنتهم إلى القبائل المجاورة فناصروهم على كفرهم وأيدوهم ...
وخرج منهم من ادعى النبوة، مدعيًّا بأن دينه أيسر من دين النبي محمد r فلا تكاليف مثله، وآخر زعم أنه نبي مثل النبي محمدr وأُخرى ...
فأعلن أبو بكرt عن حرب الردة على هؤلاء المرتدين بإجماع الصحابة والتابعين....
  وأما عَلِيٌّ t فقد ظهر أمامه من ارتدوا؛ قاموا بتأليه فأمر باستتابتهم ثم أنذرهم  ثلاثة أيام أن يتوبوا من فتنتهم فلم يتوبوا فقتلهم حرقًا –وكان مخطأt في حرقهم والأولى قتلهم من غير حرق- فحافظ على وحده صف المسلمين وعلى سلامة الدين من فتن الكائدين....
 صحيح البخاري كِتَاب (اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ وَالْمُعَانِدِينَ وَقِتَالِهِمْ ) باب (حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم ) برقم 6411 عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : أُتِيَ عَلِيٌّ t بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ r: لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ ، وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r:" مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ".


حد الردة بهذا الفهم وهذا الحكم ليس قاصرًا على دين الإسلام وحده ، بل جاء في الكتاب المقدس الذي يؤمن به اليهود والنصارى ،قتل المرتد بلا استتابة رجمًا بالحجارة ، أو ذبحًا بالسيف.... اكتفي بذكر ما جاء في الآتي:
أولًا: العهد الجديد:

1- إنجيل لوقا أصحاح 19 عدد 27أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».
2-الرسالة إلى العبرانيين أصحاح10 عدد 28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.

ثانيًا: العهد القديم:
 لا شك أن عقيدة النصارى تنصُ على أن الربَّ يسوع رب العهد الجديد وهو رب العهد القديم أيضًا؛ لأنه إله أزلي...
جاءت نصوص كثيرة تتحدث عن عقوبة المرتد وحدِ الردةِ... منها ما يلي:

1-    سفر التثنية أصحاح 13 عدد 6 إلى 10 يقول الرب : 6«وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرًّا أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ، أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ، أَوْ صَاحِبُكَ الَّذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ 7مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَكَ، الْقَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ الْبَعِيدِينَ عَنْكَ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا، 8فَلاَ تَرْضَ مِنْهُ وَلاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ، وَلاَ تَرِقَّ لَهُ وَلاَ تَسْتُرْهُ، 9بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيرًا. 10تَرْجُمُهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ....

وبالنظر إلى ترجمة كتاب الحياة نقرأ : " وَإِذَا أَضَلَّكَ سِرّاً أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ، أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ، أَوْ زَوْجَتُكَ الْمَحْبُوبَةُ، أَوْ صَدِيقُكَ الْحَمِيمُ قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَنَعْبُدْ آلِهَةً أُخْرَى غَرِيبَةً عَنْكَ وَعَنْ آبَائِكَ 7مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الأُخْرَى الْمُحِيطَةِ بِكَ أَوِ الْبَعِيدَةِ عَنْكَ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاهَا، 8فَلاَ تَسْتَجِبْ لَهُ وَلاَ تُصْغِ إِلَيْهِ، وَلاَ يُشْفِقْ قَلْبُكَ عَلَيْهِ، وَلاَ تَتَرََّأفْ بِهِ، وَلاَ تَتَسَتَّرْ عَلَيْهِ. بَلْ حَتْماً تَقْتُلُهُ. كُنْ أَنْتَ أَوَّلَ قَاتِلِيهِ، ثُمَّ يَعْقُبُكَ بَقِيَّةُ الشَّعْبِ. ارْجُمْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ.....".


2-    سفر الخروج أصحاح 32 عدد26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ، وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ». فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ، وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُل. 29وَقَالَ مُوسَى: «امْلأُوا أَيْدِيَكُمُ الْيَوْمَ لِلرَّبِّ، حَتَّى كُلُّ وَاحِدٍ بِابْنِهِ وَبِأَخِيهِ، فَيُعْطِيَكُمُ الْيَوْمَ بَرَكَةً».

وبالنظر إلى ترجمة كتاب الحياة نقرأ : " فَأَطَاعَ اللاَّوِيُّونَ أَمْرَ مُوسَى. فَقُتِلَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوَ ثَلاَثَةِ آلافِ رَجُلٍ 29عِنْدَئِذٍ قَالَ مُوسَى لِلاَّوِيِّينَ: «لَقَدْ كَرَّسْتُمُ الْيَوْمَ أَنْفُسَكُمْ لِخِدْمَةِ الرَّبِّ، وَقَدْ كَلَّفَ ذَلِكَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ قَتْلَ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ، وَلِكِنْ لِيُنْعِمْ عَلَيْكُمُ الرَّبُّ فِي هَذَا اليَوْمِ بِبَرَكَةٍ "

 نلاحظ : أن الربَّ أمر نبيَّه موسىu  بقتل عبدة العجل من بني لآوي فقُتل منهم 23 ألف رجل ....

3-سفر التثنية أصحاح 13 عدد 1«إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمٌ حُلْمًا، وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً، 2وَلَوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ الَّتِي كَلَّمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا، 3فَلاَ تَسْمَعْ لِكَلاَمِ ذلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الْحَالِمِ ذلِكَ الْحُلْمَ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِكَيْ يَعْلَمَ هَلْ تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ. 4وَرَاءَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ تَسِيرُونَ، وَإِيَّاهُ تَتَّقُونَ، وَوَصَايَاهُ تَحْفَظُونَ، وَصَوْتَهُ تَسْمَعُونَ، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، وَبِهِ تَلْتَصِقُونَ. 5وَذلِكَ النَّبِيُّ أَوِ الْحَالِمُ ذلِكَ الْحُلْمَ يُقْتَلُ، لأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالزَّيْغِ مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَفَدَاكُمْ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ، لِكَيْ يُطَوِّحَكُمْ عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَمَرَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا. فَتَنْزِعُونَ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ.

نلاحظ : أن لو دعا نبيُّ إلى عبادةِ غيرِ اللهِ يقتل وإن كان ذا معجزات عظيمة ....!
4-سفر هوشع  أصحاح 13 عدد16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلهِهَا. بِالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ، وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ..

5-سفر الخروج أصحاح 22 عدد 20مَنْ ذَبَحَ لآلِهَةٍ غَيْرِ الرَّبِّ وَحْدَهُ، يُهْلَكُ.

6-سفر التثنية أصحاح 17 عدد 2«إِذَا وُجِدَ فِي وَسَطِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ يَفْعَلُ شَرًّا فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِكَ بِتَجَاوُزِ عَهْدِهِ، 3وَيَذْهَبُ وَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى وَيَسْجُدُ لَهَا، أَوْ لِلشَّمْسِ أَوْ لِلْقَمَرِ أَوْ لِكُلّ مِنْ جُنْدِ السَّمَاءِ، الشَّيْءَ الَّذِي لَمْ أُوصِ بِهِ، 4وَأُخْبِرْتَ وَسَمِعْتَ وَفَحَصْتَ جَيِّدًا وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ أَكِيدٌ. قَدْ عُمِلَ ذلِكَ الرِّجْسُ فِي إِسْرَائِيلَ، 5فَأَخْرِجْ ذلِكَ الرَّجُلَ أَوْ تِلْكَ الْمَرْأَةَ، الَّذِي فَعَلَ ذلِكَ الأَمْرَ الشِّرِّيرَ إِلَى أَبْوَابِكَ، الرَّجُلَ أَوِ الْمَرْأَةَ، وَارْجُمْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ. 6عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الَّذِي يُقْتَلُ. لاَ يُقْتَلْ عَلَى فَمِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ. 7أَيْدِي الشُّهُودِ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيرًا، فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.

7- سفر الملوك الأول أصحاح 18 عدد 17 إلى 40  فيه أن إيليا ذبح في وادي قيشون 450 رجلًا من الذين كانوا يدّعون نبوة البعل.... 22ثُمَّ قَالَ إِيلِيَّا لِلشَّعْبِ: «أَنَا بَقِيتُ نَبِيًّا لِلرَّبِّ وَحْدِي، وَأَنْبِيَاءُ الْبَعْلِ أَرْبَعُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ رَجُلاً .......40فَقَالَ لَهُمْ إِيلِيَّا: «أَمْسِكُوا أَنْبِيَاءَ الْبَعْلِ وَلاَ يُفْلِتْ مِنْهُمْ رَجُلٌ». فَأَمْسَكُوهُمْ، فَنَزَلَ بِهِمْ إِيلِيَّا إِلَى نَهْرِ قِيشُونَ وَذَبَحَهُمْ هُنَاكَ.
نلاحظ : أن فعل إِيلِيَّا هو نفس الكلام المنسوب ليسوع المسيح في إنجيل لوقا : " فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي ".

وبعد عرض النصوص التي تتحدث عن نفسها لا تعليق!

2-     عقوبته كمسلم مذنب:
 المخالف لعقيدة الولاء والبراء في أغلب الأحيان هو مسلم عاص أو مذنب (فعل جُرمًا) فإنْ فعل جرمًا لصالح الكافرين لا يستوجب عقوبة الردة عن الدين؛ فإن الحاكم المسلم أو القاضي يُوقع عليه عقوبةً تُسمى في الفقه (التعذير) فشأنه مثل شأن أي مسلم ارتكب جُرمًا وعُوقب عليه...
 يُعرفّ بجُرمه، ويعاقب على قدر الضرر؛ فقد يُسجن، أو يُغرم، أو يُغرب، أو يُجلد، أو يُوبخ...

3-     يعذر بجهله فلا يعاقب:
 قد يخالف المسلمُ عقيدةَ الولاء والبراء، فينصر كافرًا ويواليه ضد مسلم يعاديه، ولا يعرف أن هذا الفعل محرم في دين الإسلام ، فإذا عُرّف وعُلّم ، أعلن توبته وأبدى ندمه، وطالب بالصفح عنه لجهله...هذا يُعذر لجهله...
فعقاب المجرم هدفه الإصلاح ومنعه عن جرمه مجددًا ، وليس الهدف التشفي والتعطش للدماء....فمادام قد اعترف بخطئه وأبدى ندمه ، فلا داع لمعاقبته....

وقد تضافرت الأدلة على أهمية قاعدة العذر بالجهل؛ وأهمها أن الله يحاسب المذنب على التعمد عن علم وقصد، ولا يحاسبه على جهله...
قال تعالى:" وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5) " (الأحزاب)
قوله ص: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" .
سنن ابن ماجة برقم 2033.
وجاء في كتب السنن الكثير والكثير؛ فقد أخبر النبي محمدr أن رجلًا من شدة فرحة بعد وجد رَاحِلَتَه التي ضاعت في الصحراء، وكان عليها طعامه وشرابه، وكاد أن يهلك قال:  اللهم أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ".
هنا لم يُكفرّ ولم يحكم له بردةٍ، بل التمس له الله والنبي العذر فقال معللًا قوله:" أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ".صحيح مسلم برقم4932.
كذلك قصة الصحابة مع ذات الأنواط لمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ:"اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ  ".
قالوا كلامًا شركيًّا ....!
فالتمس لهم النبي محمدr عذرهم بجهلهم وقال:" قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }"
إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّةً" مسند أحمد برقم20892
نلاحظ: لم يقل:" إِنَّكُمْ قَوْمٌ تكفرون"؛ بل قال:" تَجْهَلُونَ".


وعلى نفس الحال يُعذر المريض مرضا نفسيًّا،مثل: مرض انفصام الشخصية.... ومثله الطفل غير البالغ ، والمتأول..
وكذلك المكره على الردة ؛فلا يُقتل ردةً، ولا أثم عليه ؛كما كان من عمارِ بنِ ياسر t في قصتهِ المعروفة .... يقول I : ]مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109) (النحل )


جدل مُثار حول كلمة كفار:
صار جدل كبير في الآونة الأخيرة إعلاميا وعاميًّا حول كلمة كافر أو كفار؛ الجدل فحواه أنها سُبة، وعنصرية، ومدعاة للقتل، وضد الإنسانية....
والحق أنها دعوات مغرضة منظمة بخطة مسبقة...هدفها تحطيم ثوابت إسلامية ، وتغير كلمات قرآنية، ثم تبديد الهوية الإسلامية....

-      ما هو الكفر عند إيمان المسلم؟
الكُفر هو ضد الإيمان؛ فالكافر كفرَ بالله ، أو أشرك به ،أو جحد نعمته...
 دلّت على هذا التقسيم لتعريف الكلمة؛ المعاجم اللغوية، والآيات القرآنية:
1-كفر الإلحاد(كفر بالله):
فالكُفْرُ خلاف الإيمان؛ يُقال: كَفَرَ الرَّجُلُ: لم يؤمن بالوحدانيّة ، أَو النبوَّة ، أَو الشريعة ، أَو بثلاثتها.
2-كفر الشرك (أشرك بالله):
يقال: لم يؤمن بالوحدانيّة أو النُّبوَّة أو الشَّريعة أو بها جميعًا :
 إذا آمن الإنسان بالله فليكن ... لبيبًا ولا يخلط بإيمانه كُفرًا .
قال تعالى: " وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ". وقال: " قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ".
3-كفر النعمة:
كفر النعمة هو جحودها وعدم شكرها ؛قال تعالى :"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)"(إبراهيم).
وقال تعالى : "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) "(العنكبوت).

"وتذكر معاجم اللغة أن كلمة كَفَرَ تعنى غطى وستر.... يقال:
"
كَفَرَ اللَّيْلُ الْحُقُولَ": غَطَّاهَا بِظُلْمَتِهِ وَسَوَادِهِ. "كَفَرَ اللَّيْلُ عَلَيْهِمْ"
 
"كَفَرَ الْجَهْلُ عَلَى عِلْمِهِ": غَطَّاهُ 

الواضح وبكل اختصار أن المعنى الحقيقي الشرعي لكلمة كافر هو (نَاكر)، ومعنى كَفَرَ (نكر).
وعلى هذا المعنى يقام الإيمان لكل إنسان؛ فالمسلم نَكر كل الأديان ولم يقبلها؛ بينما قبل الإسلام.
 والنصراني نكر كل الأديان ولم يقبل؛ بينما قبل المسيحية.....
ومن هنا فإن المسلم يكفر(ينكر ويرفض) أولًا كلَّ ما عُبِدَ غير الله، ثم يؤمن بعدها بالله...قال تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى (256)(البقرة).


وعلى هذا المفهوم فليس هناك أو سُبة، أو عنصرية، أو مدعاة للقتل، أو ضد الإنسانية....
فالنصراني اليوم  (كفر)  بنبوة محمد ولم يؤمن بها ؛ إذ لو آمن بها لصار مسلمًا مرتدًا، ولم يعد مسيحيًّا....
والمسلم اليوم كفر بإلوهية يسوع المسيح ، وبعقيدة التثليث ، وبعقيدة الفداء والصلب ،ولم يؤمن بهم ؛إذ لو آمن بها لصار نصرانيًّا مرتدًا ، وما ولم يعد مسلمًا ...
فكلمة: كافر= ناكر.
وكفر = نكر.
كما أنّ الكافر(الناكر لعقيدة المسلم) لا يُقتل لمجرد كفره، بل أمر الإسلام بعدم ظلمه، وسمح له حرية معتقده، وأداء شعائره في وطنه...
فالكافرُ ليس جنسًا غريبًا عن المسلم...!
هو في الأساس أخ له من أبٍ اسمه آدم ، وشريكه في الحياة اليومية والمستقبلية...
دلّ على ما سبق ما يلي:
1-لا يقتل الكافر لمجرد كفره:
قال تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) (البقرة).
معنى الآية: أن الله أمر الجيش المسلم بقتال الكفار المحاربين الذي يبدءون بقتال المسلمين ، ونهى سبحانه عن الاعتداء على أي إنسان ، وبيّن أنه لا يحب المعتدين.

3-عدم ظلمه:
قال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) (الممتحنة). "وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ"؛ أي: لا تظلموهم.

4-حرية معتقده وأداء شعائره:
قال تعالى:" وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (29)"(الكهف).
 والمعنى :المسلم يبلغ قول الحق؛ فمن شاء فليؤمن بدين بالإسلام، ومن شاء فلينكر دين الإسلام، وحر فيما يعتقد...


-      ما هي أصناف الكفار عند المسلم؟
صنف فقهاء المسلمين الكفار وتعاملاتهم إلى أربعة أصناف:
1-ذمي:
كافر يعيش في المجتمع الإسلامي (دار الإسلام) بشكل دائم، وتجري عليه أحكام أهل الذمة، وتُلخص في جملة "لهم ما على المسلمين وعليهم ما على المسلمين إلا قليلًا حددتها عهود ".
 وفي شأنهم نهي النبي محمد عن أذيتهم، وبين أنه خصم لم قام بأذيتهم...
 قَالَ :"أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "(سنن أبي داود برقم 2654 ).

2-معاهد:
 كافر حربي وغير حربي بينه وبين المسلمين عهد أو ميثاق أو اتفاق أو هدنة... وتتعهد الدولة الإسلامية بعدم التعرض له على أراضيها، وذلك مقابل مدة زمنية محددة؛ يصبح فيها معصوم الدم والعرض والمال...وفي شأنه تحدثت عنه أول آيات سورة التوبة؛ وقال النبي محمد في حقه: " مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا".( صحيح البخاري برقم 2930).
3-محارب:
 كافر ينتمي للدولة كفرد منها، أو جندي محارب في دولة محاربة للمسلمين، وهذا يقتل أينما حلّ طالما الحرب مازلت قائمة...
والمحارب هو الكافر الذي تنطبق فيه كل آيات القتال في القرآن الكريم، واكتفي بقوله تعالى: "فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)"(النساء).

4-مستأمن:
 كافر يأخذ أمانه من الدولة الإسلامية عن طريق جواز السفر- تأشيرة دخول البلاد في عصرنا الحديث، فبمجرد دخوله الدولة الإسلامية لغرض ما ليس فيه عدوان، مثل: سياحة، صحافة، تجارة، دراسة، عمل... وجب على المسلمين أن يحفظوا نفسه ودمه وماله وأهله...
 وإنْ أمنه مسلم واحد من عوام المسلمين وجب تأمينه.... ثبت أنّ امرأةً من عوام المسلمين تُدعى أم هانئ أجارت مشركًا بينما كان علي ر مُصّر على قتله....فلما ذهبت إلى لنبي محمد تشكي ما حدث...قال: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ" صحيح البخاري برقم 2935.
ويرى بعض الفقهاء بأن لا فارق بين المستأمن والمعاهد...
قلتُ: وصنفٌ خامسٌ فرض نفسَه علينا في عصرنا يُسمي (المواطن):
والوطني الكافر يُعامل على أساس المواطنة وفقًا لشريعة الإسلام في الدولة المسلمة؛ يعيش مع المسلم جنبًا إلى جنب في مجتمع واحد تحت هوية المواطنة مع اختلاف الدين، فلا يدفع جزية، وإنما يشارك المسلم في الحروب والدفاع عن الحدود والأمن...وكل شيء يفعله المسلم للمجتمع تقريبًا...
وبهذا سقطت عنه تسميته بالذمي، وأصبح وطني؛ وهذا الكافر الوطني يعامل من طبقًا لأفعاله؛ فإنْ كان مُسالمًا للمسلمين فهو يعامل ببر وإحسان....وإنْ كان محاربا فإن المسلمين يبلغون عليه جهة السلطات المختصة لردعه وزجره، وتحقيق العدالة الاجتماعية في الدولة الإسلامية... 

كما أرى أنّ التقسيم الأيسر بالنسبة لعصرنا هو قسمين؛ محارب ومسالم:
وبيان حال معاملتهما جاء من طريق تأملات يسيرة في سورة الممتحنة :
فالكافر المسالم:
هو كافر وطني أو غير وطني؛ يُسالم المسلمين، ولا يتعرض لهم بأذى أو سوء...وهذا يعامل وفقًا لمعاملته، بل أحسن منها...
قال تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) (الممتحنة).
وأما الكافر المُحارب:
فقد جاءت البراءة منه ومعاقبته... في الآية التي تليها:" إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)"(الممتحنة).

وقال تعالى عنه في أول السورة :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)"(الممتحنة).

والكافر المحارب هو الذي يحارب الإسلام وأهله؛ وطني أو غير وطني، عربي أو أجنبي...
هذا يُحارب ويُعامل على قدر جرمه بعدل الإسلام ...وتطبق عليه آيات القتال في القرآن على حسب الحال....وقد نهى الله تعالى عن ظلم الكافر وإن كان مكروهًا من المسلمين؛ قال تعالى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)(المائدة)
ومعنى: " شَنَآنُ قَوْمٍ" أي: بغض ناس.
وقال تعالى : "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ (58) "(المائدة).
وقال النبي محمد: "إياكم ودعوة المظلوم وإنْ كانت من كافر؛ فإنه ليس لها حجاب دون الله".(الجامع الكبير السيوطي برقم 8482).

ولعل الكافر المحارب يصير مُحاربًا مدافعًا لصالح دين الإسلام، حينما يرى العدل وُحسن الأخلاق عند أهله، مُصير منه...قال تعالى : "عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)"(الممتحنة).

-      ما معنى( أهل الكتاب)، وما الفارق بينهم وبين الكفار، وهل هم كفار، وكيف نتعامل معهم؟!
معنى كلمة أهل الكتاب قد يجهله الكثيرون...
وأرى أنّ أهل الكتاب تعني:(أهل التوراة) التوراة فقط دون الإنجيل ؛ فكلّ من اليهود والنصارى يؤمنون بكتاب التوراة(العهد القديم) عند النصارى؛ وكلاهما من بني إسرائيل يؤمنون بها، والتوراة كتاب واحد أصلها ألواح بها تعاليم وشرائع لبني إسرائيل..... بينما الإنجيل ليس كتابا مكتوبًا مثلها ؛ فيسوع المسيح لم يمسك في يده كتابا ويعلم منه في المجامع سوى التوارة فقط ، ولم يكن لديه إنجيل مكتوب ؛ أو أمر بكتابة إنجيل ....فظهرت بعد بسنين بعيدة أناجيل ورسائل التي قد اقترب عددها من المائة؛  تحكي معظمها سيرة يسوع في حركاته وسكناته...وذلك وفقا لرؤية الكاتب المختلفة عن غيره في الغالب....
نلاحظ : أهل الكتاب أي :أهل كتاب التوارة، ولم يقل: أهل الكتابين ؛ أي :التوارة والإنجيل...
أيضا القرآن ذكر التوراة بأنها كتاب في عدة آيات محكمات، وبيّن أن الكتاب الذي كان قبل النبي محمد هو التوراة، فلا يوجد كتاب اسمه الإنجيل ؛ فالإنجيل تعني البشارة أو الخبر السار، وهو كتاب سيرة عن حياة المسيح كتبها أحدُ التلاميذ ( برنابا ) وقد حُرّف منه طوال السنين...
أكتفي بهذه الآيات المبينات:
قوله تعالى : " مِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) " (الأحقاف).
وقوله تعالى حاكيًّا عن الجن : "قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) " (الأحقاف).
الملاحظ: قال تعالى عن التوراة: "كِتَابُ مُوسَى"، وقال: " كِتَابًا "....
أيضًا يقول إنّ الكتاب الذي كان قبل القرآن هو كتاب التوراة، وأما الجن فلم يقولوا : "سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ عيسى" ؛لأن عيسى لم يكن له كتاب...بل قالوا:" سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى" والمعلوم أن موسى قبل عيسى، وهذا يفيد أن عيسى لم يكن له كتاب...
هل أهل الكتاب كفار؟
أهل الكتاب (اليهود والنصارى) هم صنف من الكفار، والكفرة ملة واحدة، وهم أقرب إلى المسلمين من غيرهم، وتسري عليهم أحكام الكفار... إلا أن القرآن جعل لهم خصائص في بعض المعاملات، مثل:  الأكل من طعامهم، والشرب من شرابهم، والتزوج من نساءهم، وهناك أحكام أخرى خلافية عند الفقهاء اجتهدوا فيها عبر التاريخ وفقًا لحالهم...
الاستثناء والخصائص جاءت من قوله تعالى  : "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) " (المائدة).
وجاء من فعل النبي محمد وأصحابه...
أسباب الكفر:
سبب كفر اليهود:هو نقد الميثاق والعهد مع الله ، ورفض طاعته وأوامره، وقتل أنبيائه، وتبديل آياته، والافتراء على مريم بعد تبرئها ...

وسبب كفر النصارى: عبادة الإنسان ؛فجعلوا  من شخص الإنسان النبي عيسى المسيح إله من دون الله ، وعقيدة التثليث واختلافها مع الفرق والتي تمثل طعونا في صفات الله، فمثلًا: الأرثوذكس (الآب والابن والروح القدس) ، بينما المريمية : الآب والابن ومريم)...وعقيدة الفداء والصلب التي تتنافى مع عدل الله؛ فعدله  هو : وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ،وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى؛ فلا يحمل أحدٌ ذنب أحد بجريرة لم يرتكبها...

وأما أدلة كفرهم فقد جاءت في الآتي:
1- قوله تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) " (المائدة).
2- قوله تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) " (المائدة).
3- قوله تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) " (المائدة).

4-قوله تعالى: " وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88) " (البقرة).
5-قوله تعالى : "مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46) " (النساء).
6-قوله تعالى: "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) " (النساء).

وعليه: فلا شك في كفر اليهود والنصارى بعد أن نص القرآن الكريم على كفرهم بآيات جازمات... فمن لم يكفر الكافر الصريح فهو كافر دون تلميح؛ لأنه كذب بآيات الله، إلا من كان مؤولًا باحثًا عن حقٍ، وليس منافقًا ومداهنًا...
فمن الآيات التي أخطئوا في تفسيرها ، مدعين ا ناهل الكتاب ليسوا كافرين ولا يدخلون جهنم إن ماتوا على حالهم....قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)"(البقرة).
ومعنى الآية:أن المؤمنين المسلمين الذين آمنوا بالنبي محمد ورسالته، واليهود والنصارى وَالصَّابِئِينَ الذين آمنوا بأنبيائهم ورسالتهم دون تحريف وقبل بعثة النبي محمد، وآمنوا بالله واليوم الآخر إيمانا صحيحًا ،وعملوا صالحًا ؛يؤتيهم الله أجرهم، ويؤمنهم من الخوف، ويفرحهم بنعيم الجنة فلا يحزنوا أبدًا....
أما بعد بعثة النبي محمد وجب على الجميع ابتاعه وإلا ماتوا كفارًا، وسوف يدخلون نارًا...
قال تعالى: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)"(آل عمران).
وقال النبي محمد:" وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ"(صحيح مسلم برقم 218).


ثانيًا: نصوص من الكتاب المقدس تصف المخالف للدين بأنه كافر:
بيان هذا من وجهين:
الأول: على لسان يسوع أنّ منْ لم يؤمن به سيدخل جهنم ...
تحدثتُ مع جار لي نصراني حول الجنة والنار......
فقال لي: أنا لو مت مسيحيا هل سأدخل النار بحسب معتقدك الإسلامي؟!
فقلت له: إن لمْ تقبل الإسلام قبل خروج الروح من جسد فقد حكم الله عليك بالعذاب في جهنم، فقد جاءتك رُسل و علامات وآيات...
وآية في القران تقول:" وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)"(آل عمران).
كذلك أنا بحسب معتقدك النصراني؛ بل بحسب كلام يسوع المسيح نفسه في الإنجيل قد حُكِمَ علي بالعذاب في جنهم(بحيرة النار والكبريت) هذا إنْ مت ولم أؤمن بعقيدتك...وهذا ما جاء في الآتي:
1-     إنجيل يوحنا أصحاح3 عدد 16 لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 17لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. 18اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ.
لاحظ: "وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ" ؛ بحسب مفهومك وإيمانك المسيحي للنص أنّ الذي لا يؤمن بيسوع ربًا وإلهًا ومخلصًا سوف يدان ليدخل جهنم....

2-     إنجيل يوحنا أصحاح 11 عدد 25قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، 26وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟» .
قلتُ له : أنا لا أؤمن بيسوع ربًّا وإلهًا ومخلصًا ، فمصيري أني لا أحيا وأموت إلى الأبد مُعذبًا ؛ بينما أنت وإن مت ستحيا إلى الأبد مُنعمًا...
3-إنجيل مرقس أصحاح 16 عدد15وَقَالَ لَهُمُ:«اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. 16مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.
-لفته-: معنى:" وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ" أي: بشروا بالبشارة المُفرحة ، وليس كتابًا اسمه إنجيل إذ لم يفعل أحدٌ ذلك، وغير ذلك...

قلتُ له: النص يقول: " مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ". أنا لا أؤمن بيسوع ربًّا وإلهًا ومخلصًا ولم أتعمد ، بالتالي سوف أُدَن في الآخرة...!

4-    إنجيل متى أصحاح 23 عدد 33أيها الحيّات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم؟!.
قلت له :لاحظ من النص أنّه خطاب توبيخ ومُهين من يسوع للكهنة والفريسين المخالفين له في بعض التعاليم فقط بأنهم سيدخلون جنهم ...فكيف الحال بي و أنا أكفر بكامل عقيدتكم...؟!

الثاني: لفظ كافر من الكتاب المقدس:
ورد لفظ كلمة (كافر) في ترجمات الكتاب المقدس إلى العربية...
وأتساءل: هل معنى ذلك أن الكتاب المقدس يحمل عنصرية، ويدعو إلى قتل الأخر المخالف؛ لأن في داخله كلمة (كافر) وهي غير إنسانية....؟!
قام بحصر الكلمة (كافر) أو ( كفر) ....من ترجمات الكتاب المقدس الأخ الحبيب/ إسلامي عزتي من منتدى ابن مريم، كما يلي:
أولًا: نصٌ على لسان يسوع نفسه جاء في إنجيل متى 17أصحاح 17 عدد 17) فأجاب يسوع: أيها الجيل الكافر الفاسد، حتى متى أبقى معكم ؟ وإلام أحتملكم؟ ! (الترجمة اليسوعية).


ثانيًا : ترجمات الكتاب المقدس تحمل الكلمة كما يلي:

أولًا: من الترجمة اليسوعية:


 سفر أيوب 13: 16"وذلك يكون خلاصي لأن الكافر لا يقوم أمامه".



سفر أيوب 15 : 34"لأن جماعة الكافر عقيمة وخيام الرشوة تأكلها النار"



سفر أيوب 20 :5"طرب الأشرار قريب الزوال وفرح الكافر لمحة بصر"



سفر أيوب 27 : 8"فإنه ما عسى خيط الكافر إذا قطعه الله ونزع حياته"



سفر أيوب 34 : 30"يقيم إنسانا كافرا ملكا من بين مضللي الشعب".




ثانيًا: من ترجمة الأخبار السّارة :

سفر اََلاَّوِيِّينَ 26 : "39 والباقون منكم يسيرون إلى الزوال عقابا على آثامهم وآثام آبائهم في أراضي أعدائكم،40 حتى إذا اعترفوا بآثامهم وآثام آبائهم، وبخيانتهم لي وتماديهم في مخالفتي، 41 بحيث تماديت أنا أيضا في مخالفتهم، فأدخلتهم أرض أعدائهم حتى تخضع قلوبهم الكافرة ويتحملوا جزاء آثامهم ".





سفر أيوب 813- "هكذا يكون من نسي الله،ويخيب رجاء كل كافر به. 



سفر أيوب 1316 - "هو حقا مخلصي الوحيد، بينما الكافر لا يثبت أمامه. "


سفر أيوب 15 : " 34 - فالكافرون جماعة عقيمة،والمرتشون خيامهم للنار. " 



سفر أيوب 20   5: أن ابتهاج الكافرين قريب الزوال، أن أفراح الشرير لحظة"



سفر أيوب 278: فما رجاء الكافر إذا مات، إذا استعاد الله روحه منه؟"


ثالثًا: الترجمة العربية المشتركة:

سفر أيوب 20 : 5"
أن ابتهاج الكافرين قريب الزوال.

أيوب 27 : 8
فَما رجاءُ الكافِرِ إذا ماتَ، إذا ا‏ستعادَ اللهُ روحَهُ مِنهُ

أيوب 36 :13
أمَّاالكافِرون والحِقدُ في قلوبِهِم لا يَستَغيثونَ وهُم في القُيودِ

مزمور 35 :17
"يا ربُّ إلى متى تنظُرُ ولا تَسْتَرِدُّ مِنْ شُرُورهِم نفْسي،ومِنْ هؤُلاء"ِ الكافِرينَ‌ حياتي؟
مزمور 58 :7
يا اللهُ حطِّمْ أضراسَ الكافرين" . اهـ بتصرف . "

وعلى ما سبق ذكره وبيانه فإن الكلمة هي مجرد وصف لفعل وفاعل وليست سبة وعنصرية، ومدعاة للقتل، وضد الإنسانية....ولم تكن تحملًا إشكالًا إلا في أيامنا هذه ...

-هناك أحكام في التعاملات صارت مغلوطة عن أكثر المسلمين رأيتُ
 ذكرها، وعملت على بيانها وتصحيحها...كما يلي:
1--حكم إلقاء السلام على الكافر(اليهودي والنصراني):
كثيرًا ما نسمع فتاوى يقول أصحابها:إنّ بدأ السلام مُحرم على الكافر، وأنّ رد السلام عليه هو "وعليكم"...وذلك لما جاء في صحيح مسلم برقم  4030 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ:" لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ".
والصحيح أن هذا الفهم مغلوطٌ، وللحديث فهم خاص يُفهم من خلال الجمع بين الآيات القرآنية والروايات الحديثة، ولا تُقتطف رواية واحدة من الروايات.... أولًا: من الآيات القرآنية:
تنافي مع ما جاء في ظاهر الرواية:
1-قال تعالى:" وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)"(النساء).
2-قوله تعالى:" وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) "(النساء).
لاحظ :" وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا".

ثانيا : من الروايات الحديثية :

1- قول r : " يا أيها الناس ! أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام ؛ تدخلوا الجنة بسلام " . السلسة الصحيحة برقم 569 
 2-جاء حديثٌ مقيدًا للمطلق، ومخصصا العام...وذلك في مسند أحمد برقم 17353 عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ قَالَ:" قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى يَهُودَ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ وَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ".صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجةبرقم3699

الملاحظ أنه ذاهب لقتال معهم، وبدأ السلام؛ إعلان للأمان، فإن بدأ بإلقاء السلام أمنهم بقوله "السلام عليكم"، لا يحق له قتلهم ..فإن فعل  فقد غدر بهم...!
وأما رد التحية "وعليكم" فلنفس سبب القتال... فقد جاء
مسند أحمد برقم  25975  عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ يَوْمًا:" إِنِّي رَاكِبٌ إِلَى يَهُودَ فَمَنْ انْطَلَقَ مَعِي فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ فَانْطَلَقْنَا فَلَمَّا جِئْنَاهُمْ وَسَلَّمُوا عَلَيْنَا فَقُلْنَا وَعَلَيْكُمْ".
وسبب آخر هو أن اليهود كان يقولون للنبي "السام عليك " وتعني دعاء بالموت والهلاك عليه...فعلّم النبيُّ محمدٌ أصحابه أن يردوا على قولهم وفعلهم "وعليكم". وتعنى: ولكم مثلما قلتم...جاء ذلك عدة أحاديث منها:
1- صحيح البخاري برقم 6414 عن أَنَس بْن مَالِكٍ t قال: مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ:السَّامُ عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :"وَعَلَيْكَ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ ؟ قَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه:ِ أَلَا نَقْتُلُهُ ؟ قَالَ: " لَا إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ ".
2-   سنن ابن ماجة برقم 4530 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدُهُمْ فَإِنَّمَا يَقُولُ السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ ".  تحقيق الألباني : صحيح ، الإرواء ( 5 / 112 - 113 ، 1275 ).
وبشأن فعل اليهود في السلام مع النبي محمد نزل قوله تعالى :" وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)"(المجادلة).
ويبقى الأصل الواضح الذي لا لبس فيه؛ آيات القرآن الكريم مفصلات ومبينات، وهدى للمؤمنين....
كما أن الكتاب المقدس الذي يؤمن به اليهود والنصاري فيه بيان تحريم إلقاء السلام على المحاربين والمخالفين..وذلك في الآتي :
1- سفر إشعياء أصحاح 48 عدد 22لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ.
2-إنجيل لوقا أصحاح  10عدد 3اِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ. 4لاَ تَحْمِلُوا كِيسًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ أَحْذِيَةً، وَلاَ تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ.
3- رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الثَّانِيَةُ أصحاح 1 عدد 10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ، وَلاَ يَجِيءُ بِهذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. 11لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.

 

2-حكم بناء كنيسة في دولة إسلامية:
بعيدًا عن كلام الفقهاء المتشعب حول المسالة؛ أرى بالجواز للحاجة، وفي بلدي أرى أنْ لا حاجة...
 فمساحة الأديرة وحدها في مصر تعدل مساحة دول....
وهذه نموذج من إحصائيات منقولة بالصور لبعض الأديرة...

1-دير أبو فانا:

المساحة 600 فدان.

2-دير أبو مقار:

المساحة = 2700‏ فدان .





3-دير ماري مينا:

المساحة 600 فدان، وهنالك ازدياد للتوسعة...

ملاحظة :
الفدان الواحد = 4200.83 متر مربع، 
وينقسم إلى 24 قيراط 
وكل قيراط 24 سهم 
حيث مساحة القيراط 175.09 متر مربع 
ومساحة السهم 7.29 متر مربع
. مثلًا:مساحة حديقة حيوان الجيزة 80 فدان وهي أكبر حديقة للحيوانات في مصر والشرق الأوسط.

وأما إنْ وجدت حالة؛ فتُبنى من مالهم، وبعمالهم، وفي حيهم السكني.....

3-حكم تهنئة المسلم لأعياد النصارى:
تجوز تهنئتهم على أعياد لم تتعارض مع إيمان المسلم....
وذلك بدافع جلب الألفة، وبر الجيرة ، وتقوية صف المجتمع...وذلك عن قناعة لا عن نفاق، أو دفعاً لشقاق...
قال تعالى:" وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا (83) "(البقرة).
أي : قُولُوا قولًا حسنًا الناس يُفرحهم ... ولم يقل: وقُولُوا للمسلمين حُسْنًا ....فالمراد كل الناس؛ مسلم وكافر إلا منْ ظلم...
والبر والعدل يكون للمسالم طول الأعوام بل على الدوام، ما دم الحال على وآم...
لكن لا يوجد عيد عقائدي عندهم يتفق مع معتقد المسلم....!
ومن هنا يجوز تهنئة بعضنا على عيد وطني؛ لمناسبة وطنية أو قومية، مثل: نصر 6 أكتوبر....
و لا يجوز تهنئنهم على عيد عقائدي مخالف،مثل: عيد القيامة ؛فالمسلم لا يؤمن أبدًا بأن المسيح مات ثم قام من بين الأموات....فإن سُئل عن السبب ؟!
بيّن له أن هذا مخالف لمعتقده اختلافا جوهريًّا وليس هامشيًّا....والمعتقد الديني أغلى من النفاق ألقولي، والمسلم صادق في أقواله وأفعاله لا يداهن أحدًا...

قال تعالى: "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)(النساء).
وعلى هذا الضرب يصير الحكم...



4--هل هناك حب للكافر المسالم أم أن هذا مُحرمٌ في عقيدة الولاء والبراء؟
الحب والكره شعور جبلي، لا دخل للإنسان فيه، فقد يحب مسلمٌ كافرًا مُسالمًا لطيبته أو حسن خلقه في تعامله.... فالطبيعي أن النفس جُبلت على حُب من أحسن أليها...
والأكيد أن المسلم يكره الكافر المحارب الغاشم الذي لا يرقُب في مؤمن إلًا ولا ذمة؛ ولا يعامله بهواه بل بعدل الله وما أوصاه....

والزوجة إن كانت نصرانية أو يهودية، وجب على المسلم حبها وإعطائها كامل حقها، وأن يحافظ عليها كشق من جسده، هي وولده....

وكذلك الأبوان إنْ كانا كافران أو أحدهما؛ فقد جُبل القلب على محبتها، ولا يسمح بأذيتهما...
والمسلم يحب أبويه ولا يحب ما هما عليه؛ فيصاحبهما معروفًا إلى إنْ يقضي اللهُ أمرًا كان مفعولًا...

قال تعالى : "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)"(لقمان).
كما أتساءل: كيف يدعو المسلم زوجته الكافرة إلى الإسلام وهو يكرها.....؟!
 أم أنه يبتسم لها، ويعاملها حُسْنًا؛ تصنعًا وكذبًا ونافقًا...؟!

قس على ذلك الحال الوالدين الكافرين المسالمين، والزملاء في العمل أو الدراسة أو الجيران في الحي السكني.....
الولاء والبراء يتكون من فعل وفاعل ؛ الفعل لا يحبه المسلمُ ، والفاعل قد يبغضه قلبه أو يحبه ؛ والقلب بيد الله، لا يتحكم فيه إلا إيّاه...
أما معنى قول الله تعالى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)(الحجرات).
افهمه من قول النبي محمد :" الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وهذا لا يمنع وجود إخوة في الإنسانية ...

والحق أن كل إنسان يحب دينه ويغضب على من يعادي رموزه ومقدساته؛ كما يحب المسلم دينه ويغضب على من يعادي رموزه ومقدساته....فكلنا لآدم وآدم من تراب...

وتبقى إخوة الإنسانية بين المسالمين، مثل الأصابع، كي تُعمّر الأرض؛ ويُصان الدين، والمال، والنفس، والعقل، والعرض....وتُقام سنة التدافع...
قال تعالى:"وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)(البقرة)".
فما قام الإسلام إلا على العدل والرحمة بين الناس... كما أنّ العفو عن ظالم هو ظلم للعدل والرحمة دون التباس...

كتبه / أكرم حسن مرسي